اية التبليغ

وخلاصة هذا الحدث عندهم :كان الله قد انزل على نبيه ان ينصب عليا وليا وخليفة للمسلمين من بعده لكن النبي خاف وخشي من اعتراض وثورة الصحابة لانهم يرونه حابى ابن عمه وان يؤدي ذلك لهدم دعوته من اساسها فتاخر في هذا التبليغ لكن الله استعجله على هذالتبليغ وضمن له انه عز وجل لن يمكنهم من هذا الكيد او تنفيذه لان (الله لايهدي القوم الكافرين )ولك ان تستشف من هذا الاستدلال البائس نظرتهم الى الصحابة كما قلت 0
امام هذا الالحاح الالهي والزجر 00لم يسع النبي صلى الله عليه وسلم الا التبليغ وليكن ما يكون !!وكان ذلك اثناء عودته من حجة الوداع متوجها إلى المدينة المنورة وفي الطريق نزلوا مكان يقال له غدير خم --,ويعلم الله انه حتى ذلك المكان وبهذا الاسم غير موجود على خارطة الحجاز حتى اليوم وحيث لم يؤلف مثل هذا الاسم في اللغة العربية وممكن انه في الفارسية موجود –ثم خطب الصحابة خطبة اشار فيها الى قرب رحيله واوصى المسلمين بكتاب الله عز وجل ثم اوصاهم باهل بيته خيرا ثم قال :من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله والحق انهم لو لم يربطوا رواينهم بهذه الاية ويجعلوه روحا لها ولو انهم تمسكوا بها كرواية بمعزل عن كتاب الله لاعرضنا عن مناقشتهم وتركنا لهم رايهم وما يعتقدون او لناقشناهم في مكان اخر بمعزل عن كتاب الله تعالى 0
اما وقد لصقوها بكتاب الله وباية منه وجعلوه روحا لمعناها ومضمونها فلا يسعنا الا ان نبحث معهم وبصراحة وبتجرد ثم نتبع الحق اينما وجدناه 0
ومناقشتنا تقوم على بيان مدلول الاية الواقعي ثم تقارن انت أي الطريقين تسلك 0
ودعنا الان نسأل:
ان الاية تقول( بلغ ما انزل اليك من ربك ) وهذا التعبير القراني مثل نزل ينزل انزل انزلنا 000اذا تعلق بتبليغ امر الهي للناس يكون المراد به حصرا اية او ايات قرانية او قران مثل (انا انزلناه في ليلة القدر – شهر رمضان الذي انزل فيه القران –وقالوا يا ايها الذي نزل اليه الذكرانك لمجنون – وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القران جملة واحدة-)00الخ
وعلى المفهوم الذي صرفوا الاية عليه يقتضي ان يكون المنزل الى الرسول والمطلوب تبليغه قرانا او على الاقل اية قرانية تتضمن ان الله تعالى قد نصب عليا وليا او خليفة للمسلمين 00فاين هذه الاية ؟او الايات التي بلغها رسول الله للعالم كله في هذا الامر على اثر نزول اية التبليغ التي نبحث فيها ؟لاندري ولاهم يدرون 00!
بل نحن ندري بحمد الله لان الذي يستعرض الايات اللاحقة لهذه الاية يدرك ان ما سيبلغه الرسول للناس عامة ولاهل الكتاب خاصة خطير جدا 00بخلاف ما ادعاه المؤلف من انه ليس بالخطير لدرجة الامر الزجري 0
كيف وليزيدن كثيرا منهم –يعني اهل والله العليم بما كان وسيكون يقول بعد الاية مباشرة الكتاب –ما انزل اليك طغيانا وكفرا )؟,وهذا الطغيان سوف يصحبه عدوان وتامر مادي ومعنوي قد يكلف المؤمنين الكثير خاصة وهم لايزالون في طور الانشاء والبناء الحديث لمجتمع الايمان الجديد 0
فالايات التي كانت تنزل في شان اهل الكتاب قبل هذا التاريخ وبخصوص دينهم وما هم عليه كان فيها لطف لاينكر ,املا في ان يؤمنوا بهذا الدين كما امن الناس ,وقد بينا الحكمة الالهية في ذلك في فصل سابق 0
اما من بعد نزول هذه الايات فصاعدا وبعد ان ظهر للناس وللمؤمنين ولاهل الكتاب انفسهم طبيعة هؤلاء القوم وعدم استعدادهم لقبول الحق النازل اليهم من ربهم عن طريق هذا الرسول صار لهم شان اخر في حساب الدعوة الاسلامية ,فبدأالله ينزل الايات المناسبة لطبيعتهم والتي عرفها كل الناس ,فبعد ان راينا الايات التي مرت في فصل سابق والتي فصل الله تعالى فيها نهائيا المجتمع المسلم بافراده وجماعاته عن كل علاقة او حلف او ولاء او تناصر مع اهل الكتاب ,والتزم المؤمنون بذلك تماما بل حتى باقي المنافقين التزموا قسرا بحكم ما اظهروه من الاسلام ,بعد ذلك جاءت هذه الايات التي امر النبي بتبليغها وفيها من القوة والقسوة على اهل الكتاب مالامزيد عليه !
وليس بالضرورة ان تكون الايات التالية لاية التبليغ هي وحدها التي تحمل الطابع العدائي لاهل الكتاب والتي ستزيدهم طغيانا وكفرا وانما كل اية تجدها في أي سورة من القران تحمل الهجوم عليهم فاعلم انها من الايات المطلوب تبليغها في الاية موضوع البحث ,وربما احتفظ النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها واخر تبليغه للناس لطمع وامل لم ينقطع بعد من هدايتهم وكذلك لعدم هياج مواجهة عدائية معهم في وقت قد يكون راه حرج عليه وعلى دعوته ونشوء الدولة الاسلامية الحديثة لكن العليم بما كان ويكون اراد غير ذلك وامره بتبليغ كل ما ينزل اليه من ربه والله سبحانه متوليه وعاصمه ودعوته ومجتمعه من كل كيد وسوء واحتمال 00
ودعنا الان نقتصر على الايات التي تلت الاية موضوع البحث (قل يا اهل الكتاب لستم على شيء ,حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ماانزل اليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تاس على القوم الكافرين )
اذا كانو يتلون الكتاب ويتخذون لانفسهم صفة اليهودية او المسيحية وكانوا يظنون انهم مؤمنون ,واذ بهم يواجهون بهذا التبليغ بانهم ليسوا على شيءمن الدين او الايمان مما كانوا ينسبونه لانفسهم فيغتروا به ويخدعوا انفسهم واجيالهم والناس من حولهم بانهم اهل دين !!,فالدين ليس كتبا تقرأوترتل وليس صفة فتورث وانما الدين منهج حياة يشمل العقيدة الصحيحة المستقرة في الضمير ,والعبادة الخالصة لله عز وجل والنظام الذي يشمل كل مفردات الحياة النابعة اصلا من هذا الدين 0
واقامة التوراة والانجيل مقتضاها الدخول في دين محمد عليه الصلاة والسلام لانه هو الذي انزل بعث اليهم من ربهم حديثا وتلبية لطلي ربهم في هذا ,فقد اخذ عليهم العهد والميثاق ان يؤمنوا بهذا الرسول ويعزروه ويوقروه ويتبعوا النور الذي انزل معه وبذلك امرهم انبياؤهم لو كانوا يصدقون 0
اذا فهم ليسوا على شيء بشهادة الله تعالى حتى يدخلوا في الدين الاخير والرسول عليه الصلاة والسلام كلف بان يواجههم بهذا القرار الالهي وان يضع لهم النقاط على الحروف بشان وضعهم الديني ومستقبلهم 0
كل هذا واكثر منه بكثير تعنيه اية واحدة تلت الاية التي نبحث فيها والمؤلف يدعي انليس فيها من الخطورة ما يتناسب مع الامر الزجري ,فاذا اضفنا الايات التالية الاخرى وهي التصريح بكفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم هذه عقيدة 90 بالمئة منالمسيحين الى يومنا هذا ,وكذلك بكفر من يقول ان الله ثالث ثلاثة وان المسيح ابن الله 00الخ كما يدمغهم ببراءة المسيح منهم ومن عقائدهم ,كما واجههم بان عدم ايمانهم بهذا الدين الجديد وبالتالي استمرار موالاتهم للكفار اعداء النبي صلى الله عليه وسلم سيؤدي بهم الى الفسق والخلود في العذاب 0
ترى ماذا بقي لاهل الكتاب من دين او هيبة بعد ان واجههم الرسول بهذه الحقائق ؟؟
هنا نترقب ماذا يحدث منهم

000انه الطغيان والكفر كما اخبر الله تعالى ولكنه تكفل سبحانه بالتصدي لهم وافشالهم 0
كما يستفاد من الاية ان الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ كل رسالته لامته ولايجوز لاحد مؤمن او غير مؤمن ان يظن او يدعي انه يمكن ان يكون الرسول لم يبلغ شيئا من الرسالة لسبب اولاخر لان عدم تبليغ اية واحدة يساوي عدم تبليغ الرسالة كلها !!
تلك اهمية النقاط التي اردت بيانها حول مدلول الاية الكريمة وهو بيان في نظري متفق مع ما تعنيه الاية تمام الاتفاق كما رايت 0
نعود للرواية التي سموها غدير خم وبنوا عليها ما بنوا من عقائد لايعترف بها كتاب الله من قريب او بعيد فهي متكلم فيها كما قلت, منهم من جزم بوضعها كأبي داوود وأبي حاتم الرازي ومنهم من قال فيها زيادات موضوعه والباقي صحيح الخ000
ومن مطالعة التواريخ والسير نستطيع بيان الصحيح منها وانها حادثة عادية لاتمت لما فهموه منها بصلة ,وهكذا فهمها الصحابة وعلي منهم رضوان الله عليهم 0
ومن ذلك ان عليا (ر)كان في اليمن بدلا عن خالد بن الوليد (ر)الذي كان هناك وعاد وقسم ممن كان معه من الصحابة للحج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع 0
ثم حدث ان عليا(ر)اصطفى لنفسه جارية من الفيء وبعض اللباس قبل قسمته مما اغضب بعض اصحابه لظنهم انه ليس من حق علي ذلك قبل ارساله للرسول صلى الله عليه وسلم ليرى رايه فيه وقسمته 00ثم ان عليا اتى في نفس العام ايضا من اليمن الى مكة مع قسم من اصحابه ليلتقي بالنبي وبزوجته وباقي الصحابة ,وسبق من حضروا معه بالوصول الى مكة محضرا معه بعض الهدي للنبي عليه الصلاة والسلام ,ولما حان وصول اصحاب علي الذين ترك معهم لباسا كثيرا واشياء اخرى ليقدمها للنبي ذهب لملاقاتهم قبل الوصول الى مكة فوجدهم قد لبسوا بعض الحلل الثمينة الذي كان رايه ان تقدم لرسول الله عليه الصلاة والسلام فغضب عليهم وامرهم بخلعها فزاد غضبهم وقرروا ان يشتكوه لرسول الله فلما سمع فحوى الشكوى من احدهم اعرض عنه ثم جاء اخر واشتكى فاعرض عنه وهو مغضب وثالث ورابع 00ثم قال لهم علي مني وانا منه فاحجموا عندها وطلبوا ان يستغفر لهم ثم انتهى الحج وعاد مع اصحابه صلى الله عليه وسلم متوجها الى المدينة وبينما هم في الطريق حدثت مشادة كلامية بين علي واسامة ابن زيد رضي الله عنهما ,وهذا الاخير كان محبوبا ومدللا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جملة المشادة ان قال علي لزيد ماانت الا مولا لنا 00فغضب اسامة وقال ماانت مولاي وانما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط ,كل ذلك والنبي يسمع اطراف هذه المشادة وزاد استياؤه من ان هذه الاخلاق لاتزال في بعض اصحابه وتلامذته 000
وكاني به بابي هو وامي قد فهم عن الله تعالى وشعر بقرب رحيله من الدنيا كما انه يعلم ان كثيرا ممن اسلموا حديثا ولا سيما بعد فتح مكة ومنهم بعض الاعراب الذين لم يدخل الايمان في قلوبهم بعد لاتزال العادات والاعراف الجاهلية مركوزة في قلوبهم واهمها الثأر والحسد , وتذكر صلى الله عليه وسلم ما جرى لاكثر هؤلاء الاعراب لاقاربهم من اثر الدعوة من قتل بعضهم وسبي نسائهم الخ000وكان لسيدنا عليا النصيب الوافر من ذلك كما ادرك ان العرب وبحكم تلك العادات والاعراف ان كان في حسبانهم من ثار وانتقام لو حدث فانه اول ما يتوجه لاقارب النبي عليه الصلاة والسلام وعلى راسهم علي رضي الله عنه,كل هذه الافكار المنطقية لابد وان تكون خطرت للنبي الحبيب صلى الله عليه وسلم واخيرا هاهو قبل قليل سمع من بعض اصحابه كما ذكرنا,وبينما هذه الافكار والخواطر لازالت عند الرسول وصلوا الى مكان فيه ماء وبعض الاشجار صالح للاستراحة فنزلوا فيه وبعد الاستراحة وقف النبي عليه الصلاة والسلام خطيبا ,مشيرا الى احتمال رحيله وطلب منهم ان يشهدوا له بتبليغ الرسالة للناس فشهدوا ثم اوصاهم بكتاب الله وحثهم على التمسك به والاعتصام به وان الخير الدنيوي والاخروي للفرد والمجتمع فيه ,ثم اوصاهم باهل بيته خيرا ثم رفع يد علي وقال من كنت ولاه فعلي مولاه ردا على ماشاهده مما ذكرنا من بعض الجفاء لعلي واحتياطا لما يتوقع ان يحدث من جفاء اكثر او شيء مما ذكرناه من الخواطر المفترضة ويبدو ان هذا المكان أي الاستراحة كانت مفترق طرق ينفصل بعدها من معه كل الى جهته ,فاغتنمها النبي فرصة لوداع اصحابه من اهل القرى ولتذكيرهم باهمية تلك الوصايا 0000
راجع ان شئت السيرة الحلبية ج3\308 والتاج الجامع للاصول مناقب علي رضي الله عنه وغيرها من كتب التاريخ كالطبري ج2\402
تلك هي الحادثة العادية التي لها سبب مباشر وسبب غير مباشر بعيد00بعيد لم يفهم الصحابة عموما وعلي خصوصا رضي الله عنهم من هذه الحادثة الا في الحدود التي ذكرتها لك بدليل ان الصحابة وخاصة الانصار ارادوا بعد وفاة النبي ان يختاروا خليفة منهم ولو فهم ما فهمه المتاخرون من الشيعة لبادروا الى مبايعة علي وكذلك لفعل المهاجرون بل وهذا علي عندما عتب على الصديق في عدم اخذ رايه وترشيحه وتاخره بعض الشيء عن مبايعته لم يخطر في باله تلك الحادثة ولم يحتج بها لانه علم منها ما علمه الصحابة الكرام لا اكثر ولا اقل رضوان الله على الجميع 0
واليك دليل اخر :فقد اورد الطبري ج2\437 عن ابن عباس رضي الله عنهما ان العباس قال لعلي :اني ارى ان رسول الله سيتوفى في وجعه هذا واني لاعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت فاذهب الى رسول الله فسله فيمن يكون هذا الامر 00فان كان فينا علمنا ذلك ون كان في غيرنا امر به فاوصى بنا ,فقال علي :والله لئن سالناها رسول الله فمنعناها لايعطيناها الناس ابدا والله لااسالها رسول الله صلى الله عليه وسلم 0
كما اورد الطبري ج3\294 في قصة الشورى بعد استشهاد عمر رضي الله عنه وعندما الت الخلافة لعثمان رضي الله عنه قول العباس معاتبا عليا :اشرت عليك قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ان تساله فيمن هذا الامر فابيت ,فاشرت عليك بعد وفاته ان تعاجل الامر فابيت الخ0000 ابعد هذا كلام يقال حول غدير خم وما ادراك ماخم ؟؟!!
00والحمد لله رب العالمين ورضوان الله على السابقين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين

انسخها بملف وورد واتركها للايام عل احد ابناءك يحتاج اليها جزيت خيرا

لااله الا الله