إن المتأمل بما آلت اليه القضية السورية من تشعبات و مواقف دولية متذبذبة و متلونه بألوان الطيف ليدرك مدي اهمية هذه الارض المباركة للعالم اجمع حيث انها بأزمتها الحالية جمعت قوى الشرق و الغرب و الأصدقاء و الأعداء و الأعراق و الديانات على طاولة الحوار و المساومة و ربما التهديد و جعلت ملامح الحرب الباردة بين المعسكر الغربي و الشرقي تبدو اكثر وضوحا و اكثر قربا من الواقع و لاشك ان تمسك العرب بالقضية لحلها بالتعاون مع الجهات الدولية الفاعلة هو عمل إيجابي يحفظها من ان تكون تكون لقمة سائغة لاعداء الامة و احد أحجار الشطرنج الذهبية على رقعة اللعبة الاممية و لان النظام الأسدي يدرك انه اذا ما نجح العرب بحل هذه المشكلة عن طريق رفسه رفسة تجتث جذوره من ارض الشام فلن يقوم له و لحلفائه من شياطين الإنس و الجن و الشرق و الغرب قائمة في المنطقة العربية و سوف تكون رقبته قاب قوسين او أدنى من مقلصة الاعدام وسيف الحق و سوف تكون اقرب لحتمية القصاص جزاء لما قام به هو و اخوه و أبوه و عمه و صهره و احلافه من جرائم و موبقات بشتى أنواعها في ارض الشام بكل مكوناتها البشرية و المادية و الطبيعية و حتى الاجتماعية .
و بناء على هذا الفهم لتبعات خسارة معركته مع شعبه على يد العرب التي هي معركة قديمة بقدم الحزب البغيض حزب البعث العربي الاشتراكي فقد بنى سياستة الخرقاء على قاعدة اخراج سوريا من المحيط العربي بشكل وقح و خبيث و امعن في اضعاف سوريا ككيان و ذلك بتفريغ سوريا من خيراتها البشرية و المادية و حتى المعنوية لذلك اعتمد مبدا ان من في الخارج هم المهمين و من في الداخل هم العبيد و الاقنان لاقطاعية بيت الاسد المتمثلة بارض سورية الابية و عليه فقد قام النظام باهمال الداخل السوري حتى اصبحت سوريا متحف جامع لكل ماهو قديم و عفا عليه الزمان من انظمة و منشئات و بنية تحتية و غيرها من مقدرات سوريا عدا ما يصب في مصلحت النظام بشكل مباشر و قام ايضا بتفريغ سوريا من خيرة رجالها و الدفع برعاع الناس الى واجهة الدولة. كل هذا افضى الى جعل سوريا تعيش متأخرة عن مثيلاتها من الدول بعقود و ادى الى عزلتها حضاريا عن محيطها و أدى الى افقار غالبية السوريين عدا اذنابه و مريديه وشركاؤه بحيث جعل غالبية السوريين يقضون اوقاتهم من الصباح الى المساء ركضا و راء لقمة العيش و هو بدوره استغل هذه الحاجة بإغراء الكثير منهم بالمال ليكونوا خداما للنظام من خلا العمل المخابراتي بحيث اصبحت مهنة تجسس المواطن السوري على اخيه السوري (المعروفة بكتابة التقارير ) مهنه متداوله بين الناس و سهلة و ذات عائد ماي مجدي فعلى كل تقرير يصرف للجاسوس مبلغ حسب اهمية الضحية و البلاغ وهو بذلك اسس لعلاقة شاذة قوامها التبعية العمياء للنظام و ذوي السلطة و المال مقابل التنازل عن كثير من القيم و المبادئ الانسانية و الاخلاقية و حتى الدينية مع تبرير كل هذه التجاوزات بعذر "هيك بدو المعلم". ومن خلال هذه العلاقة الشاذة بين الدولة و الشعب و روح التعالي لدى الفئة الحاكمة و رجالها (الذين هم في الاصل رعاع متعطشين للسلطة) تولدت فكرة السيد (المعلم) و العبد (و ليعذرني السوريين) في العقل الجمعي لدى كثير من السوريين بحيث ان كلمة سيدي و معلمي لكل من يرتبط بالدولة و أجهزتها المتسلطة هي كلمة شائعة و لها جذورها في نفسية كثير من السوريين بحيث ان هؤلاء الاسياد لا يمكن التفكير بمخالفتهم باية حل من الاحوال و هم بطبيعة الحال فوق النقد و تصرفاتهم اكبر قدرا من ان تخضع للمسائلة و المحاسبة و او حتى الاستشكال و بناء على ذلك اصبح عدد لا يستهان به من السوريين لديهم القابلية لتبعبة الدولة و رجالها و اجهزة مخابراتها و للانقلاب على كل علاقاته او حتى خيانة اقرب الناس اليهم تحت تاثير اما الاغراء المادي او الخوف من سطوة رجال الدولة و المخابرات او حتى تحت تاثير الاحساس باسيادة رجل الدولة على كل من في البلد و يمكن ان تكون كل هذه العوامل مجتمع السبب في تلك القابلية هذا علاوة على احساس السوري بالحاجة الماسة للمادة (حتى و ان كان ميسور الحال ) لغلق الفجوة الحضارية بين الحالة التي يعيشها و بين ما يعيشه الاخرون في محيطه العربي و قد كان لمجزرة حماة و جسر الشغور و قصصهما المفجعة الاثر الكبير في تطويع كثير من السوريين و حصرهم تحت تلك العلاقة الشؤومه بين الدولة و الشعب الذين لابد وان تجد فيهم احد تلك اللوثات بما فيهم المعارضين الذين يمكن ان يقعوا في فخ المخابرات و رجال الدولة بعتبارهم احد مخرجات المجتمع الذي يعيش تحت تلك اللوثات.
اما على الصعيد الخارجي فقد قام النظام ببناء سياسته ليست مبنية على خطة بناءة تصب في مصلحة الدولة و انما مبنية على مصلحة ازلام النظام الشخصية التي تتسم بالانتهازية و الخداع و يقوم بتنفيذها عن طريق التحالفات و العلاقات الخاصة مع الدول و قادة و رموز الدول حيث تتسم هذه العلاقات بالتغير حسب متطلبات الوضع و الحاجة اللحظية او الاستراتيجية للنظام و هو بصدق يجيد اللعب بهذه العلاقات بشكل متناغم مع مصالحه نظرا لاكتسابه الخبرة الطويلة في هذا المجال لمدة تربو على اربعين سنة و نظرا لاستفادته من تجارب الانظمة التي تحاكيه في طريقته و اسلوبه في البقاء كإيران و الدول الاخرى المارقة على شعوبها. هذا بالإضافة الى سعي النظام في التحكم و السيطرة على اكثر من مكون في دول الجوار و غيرها لتوظيفها بما يخدم مصالح النظام و ابتزاز تلك الدول بها لتطويعها لرغباته، كخطوط الامداد التجاري مع دول الجواركتركيا و الاردن و لبنان بل و دول الخليج التي تعتبر سوريا معبر البضائع من و الى تركيا و اورويا . هذا بالاضافة الى سعيه لعمل علاقات مشبوهة مع مجموعات داخل هذه الدول يمكن تحريكها لضرب امنها و استقرارها من الداخل اذا دعت الحاجة كي تكون تلك رهينة لرضى النظام و لا ادل على ذلك من اشارة الرئيس السوري الى موقع سوريا الجغرافي المتميز في سياق التهديد لمخالفيه من الدول و تهديداته التي سبق و ان اعلنها هو و ابواقه الاعلامية من قدرته على اشعال المنطقة برمتها و تحريك المجموعات المتمردة في الدول المناهضة له كالأكراد في تركيا و على حدود تركيا و الجماعات الشيعية المتواجدة في السعودية و البحرين و الكويت هذا بالإضافة الى ما تسرب من تهديده للنظام الايراني بكشف مواقع اسلحة و ذخيرة حزب الله في لبنان للجهات الغربية و ذلك بعد انتقادات احمدي نجاد المتتالية لطريقة تعامله مع الشعب السوري و مطالبته للنظام باستيعاب الحركة الاحتجاجية (يوم ان كانت في بداياتها ) بطريقة اكثر ليونة و لا اكاد اكون واهما اذا اعتبر ان اتذبذب في الموقف التركي الذي وصل الى حد ان يخبو دليل على تلك السياسة و التي ترجمها بتحريك النظام السوري و حليفته ايران لحزب العمال الكردستاني ليقوم بالتفجيرات داخل تركيا و عمل كمائن للجيش التركي التي نتج عنها ضحايا من الجنود الاتراك و هو امر احرج الحكومة التركية امام الشعب التركي و دفعها لشن هجمات على مواقع حزب العمال الكردستاني و التي راح ضحيتها عوائل و اطفال و شيوخ اكراد و كانت بمثابة الفضيحة للحكومة التركية امام العالم و سببت احراج لها باعتبارها تقتل الاكراد و هي في نفس الوقت تضغط على النظام الاسدي لححفظ دماء شعبه . اضف الى ذلك تحالفه الخفي مع إسرائيل التي غازلها رامي مخلوف في بداية الازمة و ربط امنها بامن سوريا فردت اسرائيل بدفاعها عن النظام الاسدي بكل ما اوتيت من قوة من خلال اعتراضها الواضح على اي عمل فاعل يؤدي الى زوال الاسد و قيامها بتحريك جماعات الضغط اليهودية و المتصهينة في الدول الغربية و على راسها امريكا للوقوف بوجه اي عمل ضد الاسد هذا علاوة على قيامها بإفساد حالة التحالف بين تركيا و فرنسا فيما يتعلق بسوريا عن طريق اثارتها قضية تجريم انكار ابادة الارمن على يد جنود الدولة العثمانية و التي تبناها البرلمان الفرنسي و كانت سببا بفتور العلاقات بين هاتين الدولتين و هو ما القى بظلاله على العمل المشترك بيت تركيا و فرنسا ضد النظام الاسدي الذي افقد فعالية التحرك ضد هذا النظام بشكل كبير و جعل كل الحلول تراوح مكانها دون جدوى. بل لم يعد خافيا على احد سيطرة النظام السوري بمساعدة ***ان على مفاصل الدولة اللبنانية التي تحولت بدورها الى محافظة سورية لا يسعها الا القيام بدور الشيطان الاخرس حيال ما يجري في سوريا و هو موقف يعكس تلك السياسة التي ينتهجها النظام مع لبنان و بقية دول الجوار و غيرها. كل ذلك يوضح مدي تشعب علاقات النظام السوري التي يستخدمها لصالحه و ابتزازه للدول و الانظمة و توظيفه لحاجاتها المرتبطة به بما يخدم مصالحه بما في ذلك اسرائيل التي ايضا ابتزها النظام من خلال امنها على لسان رامي مخلوف كما ان ذلك يعطي اشارات حول بعض اسباب التلكؤ الواضح لبعض الدول تجاه القيام بعمل فاعل ضد النظام الاسدي بل و الدفع لمنحه المهلة تلو الاخرى و الفرص المتتالية التي اكسبت النظام الثقة و الغرور الذي دفعه الي الانغماس في الحل الامني ثم العسكري تجاه شعبه.
و عودة على موضوع الداخل السوري اقول ان النظام نجح في توظيف امرين لصالحه اولا توظيف سياسته الداخلية المذكورة انفا و تبعاتها على المواطن السوري للتحكم بالداخل و جميع مخرجاته ، ثانيا توظيف مهارة التعايش و التفاعل مع المستجدات كأسلوب لإدارة الازمات الداخلية خاصة فيما يتعلق بالمعارضة التي استطاع ان يوظفها او يوظف اخطاءها بشكل مباشر و غير مباشر لخدمة كينونته و اهدافه و يتجلى ذلك باختراقه الواضح و الجلي لما يسمى بهيئة التنسيق الوطنية التي كانت تضم عناصر من خيرة السوريين و لكن بسبب انكشاف امر الاختراق المخابراتي لها استقال عدد من اعضائها كالناشطة مروة الغميان حازم نهار والأستاذ فايز سارة والأستاذ ميشيل كيلو و لم يبق فيها الا من هم مظنة العماله للنظام او الجهل بما يدور حولهم لكنها على الرغم من هذا الاختراق المكشوف و المواقف المعبرة عن عمالة الهيئة للنظام الاسدي (كرفضها إسقاط النظام و حصر مطالبها باسقاط النظام الأمني فقط دون اركان انظام و اتباعه) فقد ابقى عليها النظام كحركة محسوبه علي المعارضة في الداخل السوري و يسوق لها النظام من حين لاخر علي لسان ابواقه تارة بالثناء عليها و تارة بالتهجم عليها و انتقادها و ذلك لعمل الزخم الاعلامي و الدعاية لها كجهة معارضه للنظام للايحاء للمواطن السوري بانها هي المعارضه الحقيقية التي تعبر عن معني الحركة الوطنية المعارضة الحريصة على سوريا بكل مقدراتها و مما يعزز القول بعمالة الهيئة للنظام الاسدي هو السكوت المطبق للنظام على تحركاتها في الداخل و الخارج المتمثله باجراء اللقاءات و التنسيق مع شخصيات و جهات خارج سوريا بعلم النظام الاسدي و من ذلك لقاءها مع مسؤلين ايرانيين في ***ان و اجتماعهم مع نبيل العربي و المفوضية الاوروبيةو الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي و عبد الإله بنكيران رئيس الوزراء المغربي للحديث حول كل ما يخص الثورة السورية و النظام الاسدي ثم لا يحدث ان تعرضت هذه الهيئة للاجتثاث من قبل النظام كما اعتاد ان يفعل مع كل من يظن انه يميل او يفكر في معارضة النظام مع العلم ان قيام جهة اهلية باجراء اللقاءات مع جهات خارجية للتحدث في الشان العام هو امر محرم في سوريا لكونه امر حصري على ازلام و ابواق النظام فما بالك بالحديث عن النظام و الثورة السورية و العقوبات على سوريا و غيرها من المواضيع التي لا يستطيع احد في سوريا الحلم انه يتحدث بها علانية في ظل النظام الاسدي القمعي المجرم فضلا عن طرحها على طاولة النقاش مع من في الخارج و من هم محسوبون على الاعداء و مؤين للثورة كل ذلك يدل على عمالة هذه الهيئة للمخابرات السورية و وقوعها في شراك النظام. يضاف الى ذلك الموقف السلبي للناشط البارز في هيئة التنسيق الوطنية هيثم مناع من الجيش السوري الحر وهو موقف يعبر عنه هيثم بجملة من الافكار و الكلام المنمق لحجب انظار الشارع عن حيقة موقفه المعادي لهذا الكيان الشريف و ان ما صرحت به الناشطة مروة الغميان في بيان استقالتها من هيئة التنسيق الوطنية من كون هذه الهيئة هي الوجه الاخر للمخابرات السورية يعد دليل واضح على هذا الرئي. كل ذلك يدل على مدى على امتداد اذرع النظام الاثمة القادرة على اختراق التجمعات المناهضة له و توظيفها بشكل خبيث. و لا اكاد اكون مخطأ إن قلت ان المجلس الوطني ايضا لا يخلو من الاختراق المخابراتي السوري و هو ما قد يعد احد اسباب ضعف اداء المجلس و كينونته الهشة التي بالكاد ان تجتمع على قرار او رئي له الفعاليته في الداخل السوري.
ان كل ما سبق كان عبارة عن مقدمة لبيان اثر المخابرات السورية و هيئة التنسيق الوطنية المتمثلة بهيثم مانع ذو العلاقة المميزة بالمنصف المرزوقي على مخرجات مؤتمر اصدقاء بشار (عفوا اصدقاء سوريا) السمجة و المتهالكة التي لاترقى بحال من الاحوال الي ما يتطلع اليه الشعب السوري و هي مخرجات صيغت ابتداء في مخيلة المنصف التي استطاع هيثم مناع توجيهها لصالح النظام الاسدي و كانت العامل الاهم في تشكيل موقف المنصف المرزوق تجاه الازمة السورية الذي الدلى به المنصف بكلمته امام المؤتمر و التي كانت معبرة بجدارة عن موقف هيئة التنسيق الوطنية وكانت محبط للشعب السوري بامتاز و كانت ايضا تظهر التناقض الواضح بين ما ينادي به الشعب السوري من الرغبة في التدخل الخارجي لتخليصهم من النظام الاسدي و تسليح الجيش السوري الحر و عمل منطقة عازلة و حظر للطيران و محاكمة بشار و زبانيته و بين ما عبر عن المنصف المرزوقي من خلال هذا المؤتمر بالرغبة في استجداء النظام (المتمرد على كل القوانين الدولية) باسم الضمير الإنساني ! و ذلك عن طريق كوفي عنان و المجتمعات المدنية العربية والدولية والمنظمات الدولية المعنية بالشؤون الإنسانية بان يوقف المجازر و الة القتل و المطالبة بكل قوة من أصدقاء النظام الضغط عليه للقبول بإيصال المعونات الإنسانية و السماح للمهام الاغاثية بالعمل في المناطق المنكوبة ووقف إطلاق النار على ان يكون ذلك مقابل تمكين الرئيس السوري وعائلته وأركان نظامه من حصانة قضائية ! ومكان لجوء يمكن لروسيا أن توفرّه!. كما و يشير المنصف الى الرغبة في تجنيب الشعب السوري الصراع الطائفي ومخاطر الحروب والانزلاق في الفوضى والدمار والتفتيت و ذلك بعدم تسليح الجيش السوري الحر ! و استحالة التدخل العسكري ! و استجلاب قوة عربية لحفظ السلم والأمن وتقديم المساعدات بالتزامن مع مجهود دبلوماسي كثيف من أصدقاء العالم العربي لاقناع الرئيس الحالي بالتنحي عن السلطة ! وترك المجال لانتقال ديمقراطي سلمي !
و هنا تاتي المفارقة بين ما يطلبه الشعب و بين ما يريده اخونا المنصف فالشعب لا يطيق بشار و بيت الاسد باصوله و فروعه و اصهاره و معارفه و احلافه و محبيه و لن يروق له ان يرى هؤلاء احرار طلقاء يعيشون عيشة الملوك في عواصم فرخ الشيطان فيها و باض بعد ان قاموا بكل هذه المجازر و الموبقات بحق كل ما تحويه سوريا الحبيبة من بشر و حجر و شجر و مياه و انهار و كل ما خلق الله من دواب و انعام و الشعب السوري لا يريد الاغاثة و المعونه الطبية دون ان يعلم علم اليقين بمآل و مصير الحرية التي ضحى من اجلها و اصبح يحتاج بسبب شغفه بها الى لمعونه و الاغاثة كما انه يرفض رفضا قاطعا لكل حل يتجاهل الجيش السوري الحر و يجلب الويلات على خيرة رجال سوريا من الجنود و الضباط الجيش و رجال الامن الذين انشقوا عن بشار و زمرته حاملا كل واحد منهم روحه على كفه و يغامر باهله بل بشجرة عائلته و ماعارفها و اصهارها و انجالها الرضعها.
نعم لن يرض الشعب السوري بحل يجعل الجيش السوري الحر ذا مصير رمادي يمكن ان يعرضه للهلاك او على اقل تقدير ان يحكم عليه بانه منظمه ارهابية كحال جزب الله و القاعدة و غيرها من المنظمات المنبوذة ثم ان الشعب السوري و ثواره لن يكونوا ابدا مشعلا لحرب طائفية مهما احلولكت الظروف كيف و هم كانوا و لا زالوا يرددون واح واحد واحد الشعب السوري واحد في مظاهراتهم المباركة و الشعب السوري لا يحتاج الى قوة حفظ السلام و الامن لانني اعلم ان السوريين ما احسو بطعم الامن الحقيقي الا في الاماكن التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر على الرغم من وجود هواجس الغدر و الهجوم من قبل النظام في اية وقت و هم يعيشون معا في تلك الاماكن المحررة من زبانية النظام بكل وئام بتعدد الطوائفهم دون حصول مواجهات طائفية او حتى تحرش ذوطابع طائفي.
و على الرغم من البهرجة و التزيين الذي قيل حيال مخرجات هذا المؤتمر فانني اقول بكل و صراحة لقد خذل الدكتور المنصف "طبيب اعصاب" اهل الشام و خذل ظني به بعد ان كنت قد تفائلت كثيرا بسعيه لعمل شيئا ما لسوريا و لشعبها الكريم يفضي الى حلحلة معضلتها الحالية المتمثلة بثورتها المجيدة من جهة و صلف نظامها الاسدي البائس و دمويته من جهة اخرى. على ان يكون ذلك العمل ناتج عن فهم ماياقوم به باعتباره بصمة و رسالة تونسية تاريخية تمثل تونس و شعب تونس الكريم تجاه سوريا و شعب سوريا الذي يذيح ظلما و عدوانا على يد المجرم بشار و باعتبار الثورة السورية هي الثورة العظيمه التي تعد الاخت الكبرى للثورات العربية فيما يعرف بالربيع العربي و المفصلية في تاريخ الامة و شقيقة قضية فلسطين بلا منازع و لا تقل اهمية عن الانتفاضة الاولى و الثانية للشعب الفلسطيني الابي على سلطات الاحتلال الاسرائيلي . و كنت اتامل ان يكون تحركه هذا ايضا نابع من حرص اخونا المنصف لان يجنب السوريين الالم الذي احسه هو في سجون بن علي و من امنيته بان يتمكن السوريين من بشار و ازلامه و عرش بشار و سلطانه كما مكن الله شعب تونس و مكنه من عرش بن على و سلطانه لقد نسي المنصف ان العرب و شعب تونس في يوم من الايام و ثقوا به و بانسانيته مما دفعهم لترشيحة لرئاسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان تلك الصفة التي توارت عن مخيلته اثناء تبنيه لمخرجات المؤتمر الهزيل . لقد كان للمنصف حسنة احرقها المؤتمر و قضى عليها و هي تتمثل في اسمه الجذاب الذي كنت امل ان يكون للدكتور المنصف نصيبا منه حيال ما عزم عليه بخصوص الثورة السورية ذلك الاسم المعرف ب ال الدالة على التميز في الانصاف الذي تمنيت لو كان كذلك مع شعب سوريا الابي بقضيته التاريخية.
و انا هنا اتساءل هل سمع المؤتمرين من المسلمين (الذين ايدوا هذا مخرجات هذا المؤتمر) اهات الامهات و الارامل و الاطفال؟ هل سمعوا نداءات الشيوخ والشباب السوريين الداعية بكل صراحة للتدخل الخارجي؟ الم تهتز كاياناتهم لكلمة الله اكبر التي يلهج بها السورريون و التي استبدلوها عوضا عن كلمة اه المعاناة و الحرمان، الم يستشيطو غضبا لفرية زبانية بشار "لا اله الا بشار" الم تتحرك مشاعرهم تجاه انين المعذبين ذلك الانين الذي لم يعد حبيس اقبية السجون (كما في نظام بن على) بل اصبح في المدارس و المشافي و المساجد و المحلات التجارية و الملاعب الرياضية بل و الساحات العامة و الشوارع لانها بكل بساط تحولت الى معتقلات و مسالخ.
الم ترى عيونهم الدم السوري الطاهر المسكوب على ارض سوريا ام ان هذا الدم هو ليس بدم لكنه ماء اسن نجس الم ترى اعينهم جثث السوريين الاحرار من السبعنيين الى الرضع ام ان هذه الجثث هي عبارة هي دمى مطاطية (كاشوكة كما يقول السوريون) الم يرو الدبابات التي تقصف البيوت على ساكنيها في باب عمر و غيرها من مدن سوريا المنكوبة الم يرو الرشاشات المدججة برصاص الغدر في ايدي الشبيحة و عبيد الاسد للغدر بكل سوري حر ابي الم يرو المدافع و اسلحة رمي القذائف الثقيلة المدمرة للأخضر و اليابس.
و انا هنا لا اشك ان المؤتمرين المؤيدين لقرارات المؤتمر يرون ان كل ما يفعله بشار في شعبه من قتل و ترويع هو مؤامرة من الخارج على بشار و نظامه يجب الوقوف بوجهها الى جانب بشار بل و فتح باب الهروب له بعد ان اوغل في دماء السوريين بل و ربما يرون ان السوريين هم كباش فداء هزيلة يجب تسمينها بحملات اغاثية لكي يروق للجزارين منظرها على المسالخ ..... عجبي لهذه العين التي ترى كل هذه المصيبة التي حلت باهلنا في سوريا من نظام الاسد على انها مؤامر على سوريا ابطالها ضحايا من الاطفال الرضع و الشوخ و الشباب و الصبايا و السليمين و المعاقين (فإنها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور) انها ذاتها عين هيثم مناع و عين مرتشي نظام بشار قبحهم الله.
و ختاما اقول ان كل ما ذكر من حيثيات للواقع السوري ليعطي صورة قاتمة لما قد تؤول اليه الامور في تلك البلد الحبيبة نظرا للاعداد الجيد الذي قام به النظام على مدي الاربعين سنة لتحسبا لهكذا لحظة لكن بالمقابل اقول ان لله ادا اراد شيئا فانه حاصل لا محاله وما حال هذا النظام الذي يغالب سنة الله في التغيير الا كما يقول المثل السائد انت تريد و انا اريد و الله يفعل م***يد و هو الترجمة العملية القوله تعالى (و الله غالب على امره و لكن اكثر الناس لا يعلمون ) اما بالنسبة لاخواننا السوريين فأقول ان ليس كل مايظهر من احداث و مؤشرات مخيفة للمستقبل تعبر عن حقيقة ما يدور من امور تديرها الحكمة الربانية فالذي يكون بظاهره الشر قد يكون منطوي على خير كثير لا يعلم به الا الله (و عسى ان تكرهو شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا) (و تودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله ان يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين) و يجب ان لا غيب عن ذهن و حس كل احد منا ان لله سنن ظاهرة و خفية في كل نكابده و نعيشه بحسنا و وجداننا من احداث فما نراه من واقع مؤلم و نستقرؤه من مستقبل مظلم لتلك الارض المباركة هو نتيجة سنن ربانية قام بها النظام و تحقق له ما يريد كنتيجة لإعماله لتلك السنن كسنة الانجاز الناتج عن العمل و المثابرة و التخطيط و سنة المدافعة و غيرها من السنن الربانية التي تنطبق على الكافر و المؤمن و البر و الفاجر
ونحن بسبب جهلنا و قصر نظرنا كبشر نظن ان ذلك هو كل شيء و يغيب عن حسنا البعد الخفي للأحداث التي تتواكب مع كل ما يقوم به النظام من امور لا تتماشى مع عدالة الله في الكون و هذه الامور قد تظهر لبعض الناس ممن هم خارج معمعة الظلم و القهر و ممن انعم الله عليهم بالعلم بالطرح الرباني لقصص من سبقنا من الامم و الظالمين و قد تكون خفية لا يعلم بها الا الله و حتما تنطبق عليها السنن الربانية التي قد تكون تفضي الى زوال الغمة و انقشاع الظلام.
فمثلا المعذب في السجون اثناء لحظات لالم و العذاب تبدو له الدنيا سوداء و المستقبل مرير قياسا على ما يكابده من عذاب و واقع يندرج تحت سنة الله بغلبة القوي للضعيف فلا يرى الواقع و لا يستقرئ المستقبل الا من خلال تلك السنة بحيث يغيب عن حسه ان هذا الظالم و قع بسنة الاستدراج من الله للظالمين و سنة انتقام الله من الظالمين و سنة مد الله للظالمين بأسباب القوة و التمكين و بهارج الحياة حتى يصاب بالغرور كغرور فرعون اذ قال (اليس لي ملك مصر و هذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون) و هنا تأتي بداية النهاية و تحدث ثلاث سنن لله متتالية لا تبديل لها و لا تحويل مثلها الله لنا في قوله تعالى (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون فقطع دابر الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين) و اذ بالمظلوم يرى تهاوي الظالمين بين ليلة و ضحاها على غير ما كان يظن في ظل ما كان يكابد ه من احداث .... و لا عجب .....انها سنة " فتحنا عليهم ابواب كل شيء" ثم سنة " اخذناهم بغتة" التي نقسم انها لن تغادر بشار و زبانيته حتى تتلوها سنة " فقطع دابر الذين ظلموا" ثم يتلوها قول المظلومين "الحمد لله رب العالمين" فلا بشار و لا زبانيته بمنأى عن تلك السنن كما ان فرعون و ملؤه و من حذا حذوهم لم يكونوا كذلك (و ما هي من الظالمين ببعيد) فمن يدري لعلنا نصبح غدا و اذ بنا نرى سنة "اخذناهم بغتة" ماثله امامنا كفلق الصبح و نفوسنا تملؤها الدهشة فلا نملك الا ان نردد قوله تعالى " فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين) و نرى الشام كلها تعاين ذلك الدمار لفرعون الشام بإذن الله لتتذكر قوله تعالى بحق فرعون ( و دمرنا ما كان يصنع فرعون و قومه ما كانوا يعرشون) و اني و الله لأقسم ان نصر الله قريب و ان الفرج لات بين ليلة و ضحاها و لن تمر الايام و الليالي حتى يأت ذلك اليوم الذي نبارك فيه لأهل الشام نصرهم على فرعون الشام بشار الاسد و زبانيته بإذن الله ..... وان غدا لناظره لقريب.